الأخبار
الثلاثاء 2 أيلول 2025
ركّزت لقاءات الشيباني - أحمد، على ضرورة الحفاظ على المسار السلمي للمفاوضات (أ ف ب)
تتوالى محاولات كل من «قسد» والحكومة السورية الانتقالية، استئناف مفاوضات تطبيق اتفاق 10 آذار، بعد مرور نحو شهرين على آخر لقاء رسمي بين الطرفين، بحضور أميركي وفرنسي، وما أعقبه من تعثّر عقد جولة جديدة نتيجة الخلافات على مكانها وزمانها، والاعتراض الكردي على «العرقلة» التركية للاتفاق. ويقود تلك المحاولات كل من وزير الخارجية الانتقالي أسعد الشيباني، ومسؤولة العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية»، إلهام أحمد، اللذين التقيا لمرتين على الأقل خلال أسبوع.
وعلى الأرض، سُجّل تصعيد عسكري في كل من تل اللبن في ريف الحسكة وتل الماعز في ريف حلب وسلوك في ريف الرقة، الأمر الذي عكس حجم التوتر بين الطرفين. ويأتي هذا وسط ما يُحكى عن سعي فصائل «الجيش الوطني» المدعومة من تركيا، والتي انضمت إلى وزارة الدفاع الناشئة، لجرّ الطرفين إلى مواجهة عسكرية، تمهّد لحسم ملف شمال شرق سوريا.
وفي ضوء ذلك، ركّزت لقاءات الشيباني - أحمد، على ضرورة الحفاظ على المسار السلمي للمفاوضات، وعدم الانجرار وراء أي محاولات لإشعال مواجهة عسكرية، ومعالجة الانتهاكات التي تحصل على خطوط التماس بين الطرفين. وفي هذا السياق، يؤكّد مصدر مطّلع على المفاوضات، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «المناقشات تناولت أهمية التخلي عن الخطاب التحريضي، ومنع أي محاولات لإطلاق مواجهة عسكرية مفتوحة»، كاشفاً أن «الطرفين اتفقا على طي صفحة اجتماع باريس الذي كان مُقرّراً عقده الشهر الفائت، وشدّدا على أن الاجتماعات يجب أن تُعقد في دمشق أو مناطق سيطرة «قسد» في الحسكة أو الرقة».
ويشير إلى أن «الجانب الكردي أعاد طرح مقترحات للإعلان الدستوري، كمدخل لبناء الثقة»، لافتاً إلى وجود «ضغوط أميركية وفرنسية على «قسد» للمضي في الاتفاق، وأخرى تركية لتخلي دمشق عن المفاوضات، والذهاب نحو حلول عسكرية». ويضيف المصدر أن «هذه الاجتماعات تهدف إلى حلحلة العقبات أمام عقد جولة خامسة»، متوقّعاً أن «يحضر الجلسة القادمة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، والقائد العام لـ»قسد» مظلوم عبدي، بهدف الخروج بنتائج ملموسة».
يرجّح مصدر ميداني أن طرح تشكيل مجلس مشترك لن يلقى قبول دمشق
في هذا الوقت، طرح القائد العام لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، والقيادي في «قسد» سيبان حمو، فكرة تشكيل مجلس عسكري مشترك مع الحكومة الانتقالية، كخطوة أولى نحو إعادة بناء «جيش وطني جديد يتسع لكل السوريين ويستند إلى مشروع ديمقراطي شامل». وقال حمو، في مقابلة أجرتها معه وكالة «هاوار»، إن «الاندماج في الجيش السوري لا يمكن أن يتم بطريقة تقليدية أو مركزية، بل يجب أن يأتي عبر مسار يقوم على الديمقراطية واللامركزية وحرية المرأة». وأضاف أن «قسد لا ترفض الانضمام إلى الجيش السوري، لكنها تريد أن يكون ذلك على أسس سياسية واضحة تضمن حقوق جميع السوريين».
وإذ أشار إلى أن «إنشاء مجلس عسكري مشترك يمكن أن يشكل بداية لإعادة صياغة المؤسسة العسكرية على أسس وطنية، بعيداً عن العقلية القديمة التي حكمت سوريا لعقود»، فهو رأى أن «قسد راكمت خبرات عسكرية وسياسية كبيرة خلال سنوات الحرب ضد داعش، ما يجعلها طرفاً أساسياً يمكن الاعتماد عليه في إعادة بناء الجيش الوطني».
ويُعدّ طرح حمو الأول من نوعه، لتكوين هيكل يشترك فيه أبناء المكوّنات الاجتماعية والدينية والقومية في سوريا، تمهيداً للوصول إلى تفاهمات سياسية. لكنّ مصدراً كردياً مطّلعاً يعتقد أن المقترح المشار إليه «لن يلقى أي تجاوب من دمشق ومن ورائها تركيا»، معتبراً أن «مثل هذا الطرح يعني المشاركة العملية لكل المكوّنات في إدارة البلاد، وهو ما لا تريده دمشق حتى الآن».
ويستبعد المصدر، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «تقبل حكومة الشرع حتى بمناقشة هذا الطرح، نظراً إلى أنه ينهي مرحلة من الاستئثار والتفرد بالقرارات في البلاد»، مضيفاً أن «أنقرة لا يمكن أن توافق على أن تكون قسد في مجلس عسكري يدير شؤون سوريا، وستستخدم نفوذها حتماً على الحكومة الانتقالية لإفشال هذه الفكرة».